الشاعر محمد ولد إمام
Wednesday, February 19, 2025
Sunday, February 16, 2025
مقابلة مع موقع الجديد نيوزفبراير 2025
رابط امقابلة:
مقابلة مع موقع الجديد نيوزفبراير 2025
ضيفنا في هذه المقابلة يجمع بين شخصيات متعددة شاعر وصحفي ومترجم وفيلسوف.
فمن الشعر يتنفس هواء الحرية.. ومن خلال الصحافة يرى العالم من حوله، أما مهنة المترجم فسمحت له بالغوص في عوالم ثقافية متعددة وعلمته فن الرقص على حبل الكلمات والمعاني المشدود.
صفة الفيلسوف نافذة أطل منها على تساؤلات حائرة جعلته منفتحا على كل ثقافات العالم يمتاح منها كما يريد.
الشاعر والإعلامي والمترجم أباه إمام متعدد الألقاب ملمّ بتقنيات الإعلام الجديد ويجيد السباحة في عوالمه، تماما كما يجيد فن الكتابة نثرا وشعرا وله رصيد معتبرمن المؤلفات.
"الجديد نيوز" يسعد باستضافته في هذه المقابلة
الجديد نيوز:لديكم أسماء عديدة وهي ظاهرة شائعة بالبلد، ماهي أسبابها بالنسبة لكم وبشكل عام؟
مرحباً وأهلاً بكم، ولكم الشكر على هذا الحوار الذي أتمنى أن يكون نافذة تُضيء زوايا الثقافة بمصباح الكلمة الكاشف وبنفَس الشعر العبِق اللبِق.
أما عن سؤالكم حول ظاهرة تعدد الأسماء في بلادنا، فهي – في رأيي – ليست مجرد عادة اجتماعية، بل هي "نقش ثقافيّ" يعكس سِيَر الأجداد وحكايات الانتماء..
وظاهرة الكُنية أو اللقب ظاهرة منتشرة، كما ذكرتم، فألقابُنا في هذه الصحراء تحمل رائحة الأنساب وهمس القبائل.
وهي بالمناسبة ليست خاصة بالثقافة العربية التي ترى أن كثرة الأسماء تدل على رفعة المسمى..
بل نرى هذه الظاهرة جلية عند بعض الثقافات الأخرى فمن قرأ الأدب الروسي خصوصاً سيجد أن بعض الشخصيات لها أسماء مختلفة، خاصة في روايات العظيم دوستويفسكي مثل رائعته (الإخوة كارامازوف) حيث تتعدد أسماء الشخصية الواحدة وذلك نظراً لطريقة تركيب الأسماء بالروسية فلو افترضنا أن أحد الأشخاص اسمه (ميخائيل)، وله ابن اسمه (فيودور) وابنة اسمها (ماريا).. هنا يصبح الاسم الكامل لأبنائه كالآتي:
(فيودور ميخائيلوفتش) حيث إن فتش تعني "ابن".
فيصبح المعنى مساوياً لقولنا (فيودور ابن ميخائيل) أما ابنته فستكون (ماريا ميخائيلوفنا) حيث إن اللاحقة "فنا، فا" تعني ابنة.
هذه الزيادات تجعل قراءة الرواية الروسية للمبتدئ صعبة بسبب تغير الأسماء وصعوبتها.
وعودة لسؤالكم فاسمي الرسمي هو محمد ولد اباه ولد إمام، لكن جدتي رحمها الله كانت تناديني باسم الزايد، لكنه ليس في الأوراق الرسمية.
واحتفظت به لأنه هو الاسم الذي ينبض بالحياة في ذاكرتي.
إنه الاسم الذي كنت أُنادى به في طفولتي ويعود بي إليها في زوايا المنزل العتيق، شاهداً على أنّ الأسماء الحقيقية لا تُكتب على الأوراق، بل تُنقش على جدار القلب.
وهكذا تتحول بعض الأسماء والألقاب من دلالات إدارية إلى "رموزٍ وجودية"؛ فلكلّ اسم حكاية تُروى، ولكلّ لقب ظلّ يمتدّ من الماضي ليُظلّل الحاضر بسحر الأيام الخوالي ودفء الذكريات.
الجديد نيوز:كان مسار تكوينكم الإعلامي واللغوي مكثفا في الوطن ولاحقا في مصر؛ كيف تصفون تلك المرحلة من دراستكم؟
مراحل الدراسة مبدئياً تنقسم إلى محطات..
أولاها كانت في المحظرة مع جدي رحمه الله، وقد ركزت على اللغة والشعر والفقه، والمتون الشائعِ تدريسُها، فقد حفظت أغلب تلك المنظومات ودواوين الشعراء الستة الجاهليين وأغلب ديوان الحماسة إضافة إلى الشواهد النحوية ومتفرقات كنا نُمتحن بإعرابها في ما يعرف بـ(الزّركْ)،
والمحطة التالية كانت الدراسة النظامية، وفيها عرفتُ الشعر الحديث فأعجبت بشوقي وجيله وبعده بإيليا وجيله وبعد ذلك بنزار وجيله مع نفور للذائقة من الشعر الحر وسيختفي لاحقاً ذلك النفور..
وتعرفت كذلك على عالم الفلسفة الشائق ففُتنتُ بطرق التفكير النقدي الجديدة عليّ وقرأت كل ما وقعت عليه يدي من كتب في الفلسفة، ثم في الأدب السردي الروائي أنا القادم من عالم الشعر وثقافة النظم..
وفي هذه المحطة أيضاً بدأت رحلتي مع اللغات الأخرى بَدءاً بالفرنسية ثم الإنكليزية.
الجديد نيوز:مارستم الكتابة بشكل مبكر وخدمتم في مسؤوليات ثقافية طلابية، ماهي أبرز ذكريات البداية في تلك المجالات؟
بدأتُ رحلتي مع الكلمة قارئاً نهماً كما قلت، ثم جاءت المحاولات الخجلى للكتابة بحثاً عن صوت بين أوراق الكشاكيل ولقاءات الأصدقاء، فبدأتُ بالشعر في وقت مبكر وكان تقليدياً في الشكل والصور الفنية، ثم تطور، في شكله على الأقل، في الجامعة حيث نشرتُ قصائد في مجلة العربي التي كنت من قرائها الشغوفين ثم لاحقاً نشرت فيها بحوثاً ومقالات نثرية.
كنتُ أشارك في نشاطات اتحادات الطلبة بالقاهرة ومثَّلْنا الوطن في التظاهرات الثقافية مثل أيام الشعوب في جامعة عين شمس..
كما فزتُ في مسابقة شعرية بكلية الآداب، وفي مسابقة لمعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، وكرّمني اتحاد الطلاب ونادي عماد الدين بالقاهرة كذلك..
فضلاً عن الأمسيات الأدبية التي شاركت فيها على هامش معارض الكتاب ومواسم اتحاد الطلاب وبعضها ما زال موجوداً على الإنترنت.
ونشرت بعض القصائد في مجلات أدبية هناك وفي المنتديات التي كانت شائعة في تلك الفترة قبل مواقع التواصل الاجتماعي مثل منتدى الساخر ومنتدى المشهد الموريتاني وغيرها.
فكانت تلك الصفحات وتلك الأوراق جسوراً توصلني بجمهور يعتبر الشعر لسان روحه.
الجديد نيوز: لكم إلمام كبير بالترجمة من العربية إلى الإنجليزية وقد عملتم في المجال لفترة طويلة؛ ماهي الخبرات والذكريات التي توجت هذه الفترة؟
كانت الترجمة جزءاً من دراستي الإعلامية، وقد شغفتني حباً منذ مطالعاتي الأولى للأعمال الأدبية العالمية..
ثم درستُها بتخصص وحصلت على اعتماد من المحاكم الموريتانية وعملت مترجماً في السفارة الأمريكية بنواكشوط وخلال عملي في التلفزة الوطنية كذلك.
والترجمة ليست نقلاً آليّا، بل هي عبور بين عوالمَ ثقافيةٍ متشعبة.
أذكر أيضاً كيف كنا نتناقش في غرف التحرير حول كيفيّة نقل نبرة الخطاب العاطفي دون أن تفقد جوهرها وقد نشرت عدة مقالات وبحوث عن هذا الموضوع في مجلة الصحافة التابعة لمعهد الجزيرة للإعلام وعلى مواقع إلكترونية متعددة.
الجديد نيوز:يقال إن "المترجم يخون" هل ذلك صحيح، وما هي المؤهلات التي يحتاجها ليكون مترجماً يُشار إليه بالبنان؟
ربما تكون الترجمة خيانة، لكنها خيانة مخلصة للحقيقة! فالمترجم ينقل الروح لا الجسد، ويُعيد صياغة الأفكار في ثوب جديد.
فالترجمة أشبه برقصة على حبل مشدود وهي خيانة مبرَّرة أحياناً لإنقاذ المعنى من الغرق في بحرِ الحرفية..
أما المؤهلات الأساسية فتتلخّص في نقاط منها العمق الثقافي وفهمُ السياقات التاريخية والاجتماعية للنص الأصلي والمرونة اللغوية أي القدرة على التلاعب باللغة كعازف يصنع من النوتات سيمفونية..
ثم الذكاء الأيديولوجي أي تجنّب التحيزات الخفية subtle biases التي تشوه الرسالة فالمترجم الناجح هو من يحوّل "الخيانة" إلى فنّ يحيي النص من جديد.
ولي مقال منشور على موقع الجزيرة بعنوان "مترجم الإعلام الجديد.. بين خيانتين". يمكن الرجوع إليه.
الجديد نيوز:اللغات والظروف والمحتويات متعددة؛ كيف للمترجم الاستفادة والعمل من خلال كل تلك السياقات؟
السرّ يكمن في تحويل التنوع إلى فرصة.. فالانزياح الثقافي مهم وهو استخدام لغة واضحة وقريبة من العاميات اليومية لنقل النكات أو الأمثال التي تفقد طعمها في الفصحى والتكيُّف التقني: مثل ترجمة مصطلح "to tweet" إلى "يغرّد" لربط التغريدة بصوت الطائر ثم الحوار مع الجمهور وفهم أنّ ترجمة منشور على "فيسبوك" تختلف عن ترجمة تقرير إخباري.
وهكذا يصبح المترجم جسراً بين العوالم، لا مجرد ناقل لها.
الجديد نيوز: أنت شاعر معروف في الوسط الثقافي؛ فكيف كانت بداياتكم الشعرية وأين وصلت التجربة؟
بداياتي كانتْ بقصائد نظمية من وحي المحظرة وجوها العتيق..
ثم تطورت مع التعرف على الآداب الحديثة والمترجَمة لاحقاً..
وأول ديوان شعر صدر لي كان سنة 2005 بالقاهرة تحت عنوان "وحي الفجر" ثم بعد ذلك صدر "ديوانا الفجر والمساء" في لندن عن دار E-Kutub ثم ديوان "أشعار" في مصر، وديوان "أنخاب الأصائل" عن دائرة الثقافة بالشارقة ضمن سلسلة "إبداعات عربية" وأخيراً ديوان "المُناجاة" العام الماضي..
وأنا أتجنب عادة الحديث عن الأعمال الإبداعية عموما.. فالنصوص ينبغي أن تتحدث عن نفسها.
الجديد نيوز: أنتم معروفون بكتاباتكم ومحتواكم الإعلامي عبر الوسائط خاصة "البودكاست" باسمكم، ولكم مؤلفات شعرية عديدة كيف تُقيمون هذه التجربة؟
أصدرتُ أول بودكاست ثقافي موريتاني عام 2019 بشهادة وزارة الثقافة، وما زال متواصلاً لله الحمد تحت اسم إمام_كاست وضم سلسلة "جرعات أدبية خفيفة" ثم سلسلة "مناجاة الليل" و"كشكول الحياة" على اسم كتابي الصادر في المغرب 2020..
والبودكاست هو ابن العصر وهو صوت يخترق الفضاء الرقميّ ليصل إلى الحجا قبل الأذن.
وفي برامجي، أحاول مزج الشعر بالقراءات ومراجعات الكتب والتأمل الفلسفي في الحياة.
وهذه التجربة علَّمتني أنّ الإعلام الجديد يحتاج إلى قلب شاعر وعقل صحفي، وأنّ الكلمة تظلّ سلاحاً حتى لو غُلفت بضوضاء التكنولوجيا.
الجديد نيوز:شاعر وصحفي... أي هذين الوصفيين أقرب لكم، وتقدمون أنفسكم من خلاله ولماذا؟
أقدّم نفسي "شاعراً يحمل قلم صحفي".
الشعر هو الهواء الذي أتنفسه، أما الصحافة فهي العدسة التي أرى من خلالها العالم.
والشعر يمنحني الحرية لأكون ذاتياً، بينما الصحافة تُلزمني بالانضباط والوفاء للحقيقة.
وهكذا أجد نفسي في الوسط: بين جناحَي الحلم والواقع.
الجديد نيوز: اختلط الحابل بالنابل في مجال الإعلام في موريتانيا، فلم نعد ندري ما هي ضوابط الرسالة الإعلامية الدقيقة... ما الأسباب؟
السبب الجوهريّ هو غياب التخصص وانتشار الإعلام الهاوِي.
كثيرون يدخلون الميدان دون فهم لـ"أخلاقيات المهنة"، فيتحوَّل الخبر إلى سلعة تُباع بأبخس الأثمان..
وأصبح القلم لمن يدفع أكثر..
والحلّ حسب رأيي يكمن في تأسيس معاهد إعلامية تخرّج محترفين قادرين على تمييز الخطاب الإخباريّ من الدعائي.
وتنقية الميدان من الأدعياء والدخلاء.
الجديد نيوز: ككل دول العالم، تعاني موريتانيا من معضلة نشر الأخبار الزائفة... ما أفضل طريقة للحد من هذه المعضلة؟
مواجهة الأخبار الزائفة أو "Fake News" تتطلب التثقيف الإعلامي وتدريب الجمهور على تمييز المصادر الموثوقة والتشريعات الرادعة التي تجرِم نشر الأخبار الكاذبة لكن دون المساس بحرية التعبير.
وإقامة منصات تحقق محلية من فريق مستقل للتحقق من صحة الأخبار المتداولة والرد على الشائعات.
ولا محيد من اضطلاع المؤسسات الرسمية بدور فعال وإيجابي حتى تَقيَ الإعلاميين شرورَ أنفسهم قبل شرور مقصات الرقابة.
Thursday, February 6, 2025
Monday, December 9, 2024
Sunday, December 8, 2024
Thursday, December 5, 2024
Sunday, November 17, 2024
قراءة الدكتور محجوب في كتاب كشكول الحياة على الجزيرة نت
صدر حديثًا عن دار "قطر الندى"، للإعلامي الموريتاني محمد ولد إمام كتاب اختار له عنوانًا: "كشكول الحياة، قراءات في الحياة والناس". وهو كتاب لطيف المحمل، خفيف الظل، مغرٍ بالقراءة.
أول ما يلفت انتباهك – وأنت تتلمس طريقك إلى نصوص الكتاب، عبر عتبتها الرئيسة (العنوان) – هو "قطبية الحياة" ومركزيتها؛ فعنوان الكتاب الرئيس "كشكول الحياة"، وعنوانه الفرعي "قراءات في الحياة.."
الحياة آخذة موقعها في النسيج اللغوي للعنوانين معًا: مَخْتمًا في الأول، ومبدأ في الثاني. فهي بؤرة الاهتمام، والغاية التي تلحّ على الكاتب، وتدفعه للتعبير عنها.. فعن أي حياة يتحدث المؤلف؟ وما ثمرة قراءته لها؟
أحيانًا يتحفك بوقفات نقدية لطيفة تتوجه إلى إنتاج شاعر العربية الأول (المتنبي)، وربما تجد نفسك وجهًا لوجه في حوارات دينية عاصفة
قبل أن نجيب عن ذين السؤالين، نشير إلى أن القراءة – والكتاب قراءات في الحياة – فعل تأويلي، يبتغي من ورائه "القارئ" استبطان "المقروء" واستكناهه، وسبر أغواره لتقريبه – كما يراه هو – من المتلقي.
الكتاب – إذن – انعكاس لتجارب ذاتية "حية" خاضها المؤلف، فعبّر عنها ضمن مواقف، ومبادئ، ومشاهد متعددة؛ فطَورًا يحلق بك في فضاء التصوف والفلسفة، وطورًا ينزلك في أماكن أودعها الدهر بعض أسراره. وحينًا تستمتع معه بالقراءة لأعلام عرب: كطه حسين، والمازني، وتوفيق الحكيم، وأحمد شاكر، ونجيب محفوظ.. وأعلام غربيين كفولتير، وسارتر، وديكنز، وديستويفسكي، وتشيخوف.. وأحيانًا يتحفك بوقفات نقدية لطيفة تتوجه إلى إنتاج شاعر العربية الأول (المتنبي)، وربما تجد نفسك وجهًا لوجه في حوارات دينية عاصفة، أو تجارب في الترجمة والإعلام قاسية، وأخيرًا ينحو بك المؤلف نحو تجارب تعكس عشقه للغة العربية إنتاجًا، وتصحيحًا، ورقمنة.
يمدُّك الكتاب بمفاتيح يصرح ببعضها تصريحًا، ويلمح إلى بعضها تلميحًا
الحياة مفهوم عصي على التحديد؛ وشيء لا يكاد يمسك به.. إنها عبارة عما "يحدث لنا بينما نخطط لأشياء أخرى"!. فهي مثل اللحظة المثيرة التي نعيشها؛ إذ نستمتع بها في غفلة من الزمن، فإن نحن أردنا توثيقها وملاحظتها خرجت من بين أيدينا!
ومن مقومات الحياة المميزة أنها "قصيرة وتافهة"! فـ"نحن هنا للحظة على ذرة غبار"، فـ"لِمَ الخصومة والغضب؟"!
ولئن كان وصف الحياة بالقِصر أمرًا سائغًا لاعتبارات كثيرة، أهمها ضآلة نصيب الإنسان من الزمن في سيرورته الممتدة منذ كان، فإن وصمها بالتافهة إنما أريد منه أن يسمو الإنسان فيها بفكره وسلوكه، ويعلو على كثير من حظوظ النفس وهواجسها، وأمراض القلوب ووساوسها، كالكبر والعجب والحسد، وكالقلق والغضب واليأس!
"يجب ألا نبيت على ضغينة أو حقد لأي أحد، ولنعامل من نلقى من الناس معاملتنا للمسافرين معنا على قطار مهما كانوا سيئين"!.. "أعظم جناية – وربما حماقة – أن تحسد أحدًا على شيء"!.. لنعمل على "إسعاد من حولنا".
"تفاهة" الحياة تدفع المرء إلى التحلي بالقيم والمثل العليا، وقِصرها يجعل منها كنزًا ثمينًا يتقلص ويتصرم باطّراد، على الإنسان السويّ أن يستثمره قبل نفاده ونضوبه.
لكن كيف ذلك؟ يمدُّك الكتاب بمفاتيح يصرح ببعضها تصريحًا، ويلمح إلى بعضها تلميحًا.
في أحد العناوين يتساءل الكاتب: "هل يشوه فيسبوك وأمثاله عقولنا؟".. ويعبر عن امتعاضه من شيوع ثقافة الإعجاب الفارغة، فيسخر من رواد منصات النشر في الواقع الافتراضي، قائلًا: غدا العثور على شخص عادي غير عبقري، أو مبدع، أمرًا أقرب إلى الحلم!
ومن مظاهر استثمار الحياة
- تقوية الصلة بالله: "لا شيء مهمًّا -على المدى الطويل- سوى العلاقة مع الله".
- المضي في البحث عن "الحقيقة والحياة والموت والكون".
- تبنّي التخطيط قريب المدى، ونبذ التسويف: "علينا العمل على أهدافنا دائمًا.. ونحن طلاب، ونحن موظفون، ونحن في الغربة".
- الابتعاد عن النزوع المادي الاستهلاكي، والتخفف من الكماليات؛ ففي العلاقة مع "الأسرة" و"الأصدقاء" بدائل عن ذلك.
- اقتناص لحظات للخلو بالنفس: تأملًا وتدبرًا وتفكرًا: "أعتقد أن الخلوة.. جزء مهم جدًا من حياتنا".
- السعي إلى إدخال السرور على قلوب البشر، ولو لم تربطك بهم علاقة؛ فذلك "من أهم أسباب السعادة.. لا شيء يعدل عندي ذلك الشعور"!.
- النهم في القراءة بوصفها سياحة في رياض الأفكار، ونزهة في عقول الناس، على أن تكون قراءتنا محكومة بقواعد تربوية وفكرية صارمة: "علينا أن نقرأ بتمعن وبروح نقدية".
- عقد علاقة حب مع الأماكن القديمة؛ سعيًا إلى المتعة والعبرة معًا: "إن في الوقوف في هذه الأماكن القديمة، وتأمل هذه الآثار، تجربة لا توصف"!.
- الإفادة مما توفره التقنية الحديثة من إمكانات التوثيق والأرشفة لحفظ ما ينفع الناس، ويمكث في الأرض، فـ "ترك الإنسان أثرًا طيبًا وراءه ينتفع به الناس هو هدف سامٍ ونبيل".
- التعامل بحذر مع وسائل التواصل الاجتماعي؛ ففي أحد العناوين يتساءل الكاتب: "هل يشوه فيسبوك وأمثاله عقولنا؟".. ويعبر عن امتعاضه من شيوع ثقافة الإعجاب الفارغة، فيسخر من رواد منصات النشر في الواقع الافتراضي، قائلًا: "غدا العثور على شخص عادي غير عبقري، أو مبدع، أمرًا أقرب إلى الحلم!. فكل ما يكتب إبداع، درر، وكل من يكتب مبدع، محلل عبقري"!.
والخلاصة أن الوعي بالزمن وإكراهاته، والإيمان بالقيم الكونية، والوجد باللغة العربية، من أبرز ملامح التجربة المبثوثة في تلافيف الكتاب، تلك التجربة التي تستمد ذاتها من رافدين: رافد مهني يمثله الإعلام والترجمة، وآخر إبداعي يعكسه الشعر.
Featured Post
سبعٌ عجاف
ابْيَـضَّـت العينُ من حزنٍ على وطنٍ يُـطـارِحُ الحزنَ مــأســـاةً بِمـــأســاةِ سـبـعٌ عِـجـافٌ ولا عامٌ نـغــــاثُ به فأيـنَ يوسـفُ؟ أين...
-
رابط امقابلة: مقابلة مع موقع الجديد نيوزفبراير 2025 ضيفنا في هذه المقابلة يجمع بين شخصيات متعددة شاعر وصحفي ومترجم وفيلسوف. فمن الشعر يتن...