الأحد، 24 أغسطس 2025

المختار السالم.. الشاعر والذاكرة الثقافية

 المختار السالم.. الشاعر والذاكرة الثقافية

 


ليس من السهل أن تكتب عن رجل يعيش الحرف ويتنفسه. وحين يكون هذا الرجل صديقا لك، فإن الكتابة عنه تصبح واجبا وامتنانا.
المختار السالم أحمد سالم ليس مجرد شاعر موريتاني بارز، بل هو ذاكرة ثقافية تمشي بيننا، تفتح دروبا وتضيء أخرى، وتترك أثرا لا يزول في مسيرة الكتابة العربية الحديثة.

 

منذ بداياته الأولى، حين أطلت مجموعته الشعرية سراديب في ظلال النسيان، كان واضحا أنه لا يكتب ليملأ فراغا، بل ليشق لنفسه ولنا دربا خاصا، يزاوج فيه بين لغة متينة ونَفَسٍ إنساني عميق. ومن ثم مضى، كما يليق بالشاعر الذي يعرف أن الشعر لا يقيم في بيتٍ واحد، ليقدم القيعان الدامية، وليفتح باب الرواية الموريتانية الحديثة بروايته اللافتة موسم الذاكرة، ثم وجع السراب التي وضعت بصمتها في وجدان القارئ. ولم يكتفِ بهذا المسار المزدوج، بل راح يُجدّد صلته بالشعر عبر دواوين مثل التغريبة وزمن الأنفاس المهجورة، ويتمرّد في قرن القافية، ويعانق الرمز والأسطورة في ملحمته السالمية، ويحدثنا بدفء اعتراف إنساني في ظلال الحروف حيث نتفيأ الشعور والشعر معا.

 

إن الحديث عن المختار السالم لا يقتصر على نتاجه الأدبي، على غزارته وتنوعه فحسب. فالرجل صديق نادر، يمد يده بسخاء للكتّاب الشباب، يفتح لهم أبواب النشر والظهور، ويشجّعهم بحفاوة صادقة. هو من ذلك النوع من المثقفين الذين لا تغرّهم الأضواء، بل يرون في نجاح الآخرين جزءا من نجاحهم الشخصي، عرفته دائم المبادرة، يسعى لترسيخ صوت موريتانيا الثقافي في المنابر العربية، ويدافع عن حرية الكلمة وعن ضرورة أن يكون للأدب مكان في قلب الحياة العامة.

 

إنه شاعر، نعم، لكنه أيضا كاتب مقالة لامع، وصوت صحفي ظل يكتب بجرأة في قضايا الثقافة والفكر والسياسة، ويربط الأدب بالواقع دون أن يفرّط في جماليات اللغة. وقد أسهم في إثراء المكتبة العربية بأعمال تجاوزت حدود موريتانيا، لتجد صداها في المشرق والمغرب، ولتثبت أن بلاد شنقيط قادرة على أن تُجدد صوتها وتقدّم للعالم أسماء تضاف إلى سجلها العريق.

 

المختار السالم، في النهاية، ليس فقط صديقا عزيزا؛ إنه مدرسة في الوفاء للكلمة، في الجمع بين الجرأة والإبداع، وفي الإيمان بأن الأدب رسالة لا تقل شأنا عن أي فعل من أفعال التغيير. وددتُ لو كنت حاضرا في تلك الأمسية الأخيرة التي جمعت محبيه في بيت الشعر مع تجاربه المثمرة، لكنني مطمئن أن التواصل والاتصال بيننا لا يحتاج إلى مكان ولا زمان، فنحن على البعد مقتربون، ورسُل القلم بينا تترى، ثم إنني أجده في كل روح ألهمها، وفي كل يد شجعها على حمل القلم والمضي في طريقه.

حيِّ عني يا شعرُ بالتنويهِ
سادنَ الحرفِ ذا المقام النبيه
في سراديبه معانٍ تجلّت
وتجلى الإبداعُ إذْ بانَ فيه
وتجلى فهمٌ سديدٌ سريعُ
راكبٌ متنَ لاحقٍ ووجيهِ
في ظلالِ الحروفِ نبعٌ من الضو-
ءِ وفيها بـــــدائعُ التـــشــــبـــيهِ


محمد ولد إمام.. أغسطس 2025.. الدوحة - قطر

الاثنين، 11 أغسطس 2025

خلوها تنظف.. حملة لحماية موريتانيا من فوضى وسائل التواصل.. ألا أين المحامونا؟

دعوة عاجلة لتنظيف الفضاء الرقمي



هذه دعوة ونداء عاجل للجميع وبالأخص للمحامين والجهات التنفيذية والقضائية والرقابية، من أجل تنظيف مجالنا الرقمي حفاظا على مجتمعنا وقيمه وعلى صحة أفراده النفسية خاصة الأطفال وكبار السن.. أمام هذه الفوضى العارمة من مقاطع خادشة وصور خليعة وصوتيات مريعة!
لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى.. ولم نعد نستطيع أن نتابع أخبار أصدقائنا وعائلاتنا ولا أن نتواصل معهم على هذه المواقع التي يمكن أن توصف بكل شيء إلا أنها "اجتماعية" دون أن نتعثر بصوتية إباحية أو صورة خادشة وألفاظ خارجة ومنشورات لا تليق!

غياب الرقابة على المحتوى الحساس

فلا رقابة ولا رقيب على مجالنا التواصلي الرقمي، حتى الرقابة الآلية على سوئها، ليست متاحة لنا لأن أغلب هذا المحتوى الخارج يكون باللهجة الحسانية وبالتالي لا تلتقطه خوارزميات الرقابة في هذه المواقع!

أثر الفضاء المفتوح على الوعي والمجتمع

إننا نعيش اليوم في فضاء لا سقف له ولا جدار. الكلمات تعبر من شاشة إلى وعي غر، والصورة لا تعتذر حين تقتحم حياة طفل لم يتعلم بعد معنى حدود النظر. ليس الحديث عن شطحات فردية متفرقة، بل عن منظومة بث يومي متواصل تعيد تشكيل المزاج العام، وتؤثر في الصحة النفسية، وتزرع الفرقة بين فئات المجتمع من حيث لا نرى. لذلك يصبح السؤال أخلاقيا وقانونيا معا: كيف نضع حواجز واقية تحمي الأطفال والمراهقين وكبار السن، وتبقي الفضاء الرقمي مجالا للمعنى لا منجما للفوضى؟

التنمر الإلكتروني وأضراره النفسية

وإذا نزلنا من الإجمال إلى التفصيل، فالتنمر الإلكتروني واحد من أكثر الممارسات إيذاء. وتربط دراسات حديثة بين التعرض للتنمر عبر الإنترنت وبين ارتفاع احتمالات أعراض الاكتئاب، والقلق، وحتى التفكير الانتحاري في بدايات المراهقة. ليست المسألة “صلابة شخصية” بقدر ما هي نمط تعرض مستمر لمقولات جارحة وصور مهينة ومعايرة علنية تبث على مدار الساعة. هذا النمط يترك أثرا تراكميا ينعكس على الأداء الدراسي، وعلى تقدير الذات، وعلى القدرة على بناء علاقات آمنة.

خوارزميات الترويج وتأثيرها على الخطاب العام

ثم يأتي الخطر الذي لا نحب الاعتراف به: خوارزميات الترويج. ليست المنصات “محايدة” حين تمنح المحتوى الأكثر إثارة وغلوا فرصة الظهور المتكرر. فقد رصدت بحوث جامعية حديثة كيف تتكفل بعض الخوارزميات بتضخيم محتوى عدائي ومخل خلال أيام قليلة، فتتحول نبرة الازدراء والسخرية والتمييز إلى “النمط السائد”، ومعها تنزلق المقاييس الأخلاقية من غير أن نشعر. هذه الحلقة المفرغة لا تؤذي الفتيات والفتيان فقط، بل تغير لغة الحوار العام وتضغط على السلم الاجتماعي.

من خطاب الكراهية إلى العنف الواقعي

وليس هذا مجرد مسألة ذوق، فلدينا شواهد أنظمة كاملة انفلت فيها خطاب الكراهية حتى صار جسورا نحو العنف الحقيقي. ففي تقرير موسع لمنظمة العفو الدولية حمل خوارزميات منصة فيسبوك جزءا من المسؤولية عن تضخيم خطاب التحريض الذي مهد لجرائم ضد أقلية الروهينغيا في ميانمار عام 2017، وهو مثال صارخ على قدرة البنية التقنية، حين تدار بمنطق الربح المجرد، على تغذية الكراهية بما يتجاوز “المعارك الرقمية” إلى معارك واقعية على الأرض. لسنا في ميانمار، لكن الدرس أخلاقي وتقني: ترك المنظومات بلا فرامل، مع اقتصاد انتباه يكافئ الشخص الأشد ضجيجا، يعرض أي مجتمع هش للانزلاق.

انعكاس الأذى على كبار السن

ومن زاوية السن، تشير بيانات حديثة إلى استمرار معدلات ملحوظة من الوحدة والانعزال عند من تجاوزوا الخمسين، خاصة مع تدهور الصحة الجسدية أو النفسية. في البيئات ذات الروابط الاجتماعية التقليدية، إذ قد يتحول الاعتماد المفرط على الشبكات إلى إحساس أعمق بالانعزال إذا كانت التفاعلات سطحية أو مؤذية.
إن العنف اللفظي لا يجرح الأطفال وحدهم، بل يضغط على كبار السن أيضا، ويزيد هشاشة.

تآكل الأعراف الاجتماعية في الفضاء الرقمي

إن مجتمعنا الموريتاني متعدد الشرائح والقوميات والقبائل واللغات، اتفق تاريخيا على أعراف راسخة من التصافي، لكن الفضاء الجديد يخلط بين الرأي والشتيمة، وبين النقد والتحريض، ويظهر الاختلافات كأنها شقوق لا تردم.
إن المؤثر الذي لا يعنيه سوى زيادة المتابعة والرعايات الإعلانية، قد يختار الأسهل: من صدمة لغوية ومحتوى خادش وإيحاء طبقي أو قبلي، لأن “الترند” لا يكافئ التوازن بل يفضل الحدة، ومع غياب أدوات إنفاذ محكمة، تتكرس لغة يومية تضعف الثقة بين المكونات، وتؤثر في الأطفال والمراهقين قبل غيرهم.

سوء استخدام أدوات الضبط الرقمي

قطعت الدولة الإنترنت المحمول أياما خلال الانتخابات ونتائجها وخلال أحداث الفوضى الشرائحية وسبق أن أوقفت الخدمة عقب فرار سجناء وتصاعد احتجاجات، ما يكشف قابلية الأدوات الرقمية للتسييس المعاكس: بدل حماية الفضاء من المحتوى المؤذي للأطفال أو التحريض على الكراهية، يعاقب الجميع بالإغلاق العام. هذا ليس تنظيما، بل تعطيل يصيب الاقتصاد والمواطنين معا، ويبقي المشكلة الأخلاقية بلا حل.

قصور التشريعات الحالية

في المقابل، توجد نصوص فضفاضة حول “الأخبار الكاذبة” استخدمت لتجريم التعبير العام، من غير بناء منظومة متوازنة لحماية القاصرين ولمكافحة الأذى الرقمي المباشر. الإصلاح الحقيقي لا يكون بقمع شامل ولا بتساهل كامل، بل بقانون واضح يعرف الضرر القابل للقياس ويلزم المنصات والأفراد معا بالمسؤولية.

حماية الطفولة من الأذى الرقمي

على مستوى حماية الطفولة، تذكرنا اليونيسف بأن المخاطر لا تقتصر على الاستغلال الجنسي أو التحرش المباشر، بل تمتد إلى كل أنماط العنف اللفظي والمحتوى المؤذي الذي يضعف الشعور بالأمان. والأبحاث المقارنة تؤكد أن التعرض المنتظم للخطاب العدائي يقلص التعاطف ويزيد القابلية للوصم، ويغذي الاستقطاب بين الطبقات والفئات. هذا ليس “تشددا أخلاقيا”، بل قاعدة نفسية: ما يتكرر يترسخ، وما يطبع في الخلاصات اليومية يصبح “المعيار الجديد”، ومن هنا يبدأ التصدع في السلم الأهلي.

خطوات الإصلاح المقترحة

ماذا نفعل؟
نحتاج إلى مزيج ذكي من التربية الرقمية، والمساءلة القانونية، والتزامات المنصات. من أجل العمل على تقييد وصول القصر وإزالة الميزات الإدمانية وتقوية أدوات الضبط العائلي وإتاحة بيانات شفافة للباحثين وصناع السياسات.

تشريع وطني متوازن

على مستوى التشريع الوطني، يمكن سن قانون واضح يجرم بدقة: نشر المحتوى الخادش الموجه للأطفال والتهديد والابتزاز الرقمي والإهانة الممنهجة المبنية على الأصل أو القبيلة أو العرق أو اللغة والتحريض على العنف.
مع هذا، يحتاج القانون إلى توازن يحمي حرية التعبير ويصون النقد المشروع، ويخضع القرارات القضائية لاختبارات الضرر الحقيقي لا الانزعاج الذوقي.

مواثيق سلوك للمؤثرين

اعتماد “مواثيق سلوك” للمؤثرين والشركاء التجاريين: لا إعلان ولا رعاية لمن يخرق هذه المعايير مرارا ولا أرباح من مقاطع مخالفة.

هيئة مستقلة للشكاوى الرقمية

إنشاء هيئة مستقلة للشكاوى الرقمية تتلقى بلاغات الأسر والمعلمين وتصدر قرارات ملزمة زمنيا بحق الحسابات المخالفة داخل موريتانيا، مع آلية استئناف قضائي سريعة تضمن العدالة وعدم التعسف.

التربية على الاحترام

على المجتمع والأسرة والمدارس دور لا يستغنى عنه من إدماج “التربية على الاحترام” في المناهج: كيف نفرق بين النقد والإهانة، بين حرية الرأي والتحريض؟ هذه مهارات مواطنة رقمية، وليست كماليات.

منصات مجتمعية داعمة

إنشاء منصات مجتمعية محلية داعمة: خطوط مساعدة نفسية سرية للشباب المتعرضين للتنمر، وجلسات تدريب للأهل حول الضبط الأبوي، ومواد مبسطة بالعربية والحسانية حول الوقاية والإبلاغ.

البحث والقياس

شراكات مع الجامعات والباحثين لقياس المؤشرات: معدلات التعرض، أنماط الأذى، أثر السياسات الجديدة. ما لا يقاس لا يحسن.

ضمان الشفافية وعدم استغلال القوانين

أعرف أن البعض سيقول: “سن القوانين قد يستغل ضد الرأي المخالف.” والرد أن العلاج ليس في الفوضى، بل في دقة التعريفات والشفافية والرقابة القضائية المستقلة. نحن لا ندعو إلى شرطة للأفكار، بل إلى معيار أخلاقي قانوني يحمي الطفل والناشئ وكبير السن من خطاب يؤذي صحتهم وسلام المجتمع، ويحمل المنصات ومن يربحون منها كلفة الضرر لا جائزته.

في النهاية، الفضاء الرقمي مرآة مكبرة لما فينا: إذا تركناه لمنطق الربح الأعمى، سيعيد تدوير أسوأ ما فينا. وإذا وضعنا له حدوده الأخلاقية والقانونية، صار فرصة للتعلم والتواصل ونشر الجمال. موريتانيا، بكل ألوانها ولهجاتها وقبائلها وقومياتها، جديرة بفضاء يقوي الوئام لا يجرحه، ويصون الطفولة بدل أن يضعها وجها لوجه مع أكثر ما في العالم قسوة. سن قوانين رادعة دقيقة، وتنفيذ عادل لا انتقائي، وتربية رقمية مستمرة، وشراكات مع منصات تتحمل مسؤوليتها—هذه ليست عدة رقابة فحسب، بل وصفة حماية لسلمنا الاجتماعي، اليوم قبل الغد.

الثلاثاء، 5 أغسطس 2025

هل بدأت أمريكا تراجع دعمها "الأعمى" لإسرائيل؟

أسئلة غير مسبوقة بدأت تظهر من قلب اليمين الأمريكي.. والإجابة قد تغيّر كل شيء.

 

منذ منتصف التسعينيات، سيطر خطاب اليمين الإسرائيلي على المشهد السياسي في تل أبيب، مدفوعاً بعناد نتنياهو وحكوماته المتعاقبة، وبتبنٍ صريح لمشروع تطهيري لا يكتفي بإقصاء الفلسطينيين، بل يسعى إلى محوهم من الوجود تماما.

 

وقد شكل الدعم الأمريكي، في عهد ترمب ثم بايدن، مظلة آمنة لهذا المشروع.

إدارة بايدن، رغم خطابها المختلف، حافظت على مبدأ "الدعم غير المشروط"، وأغمضت عينيها عن الجرائم اليومية، مُكرسة الغطرسة الإسرائيلية أمراً واقعا.

 

لكن اللافت أن التململ بدأ يتسلل من قلب اليمين الأمريكي ذاته.

شخصيات مؤثرة مثل كانديس أوينز وتاكر كارلسون وجو روغان وغيرهم، صاروا يطرحون أسئلة كانت من قبل من المحرمات:

 

لماذا تواصل أمريكا دعم كيان يمارس التطهير العرقي؟

 

كيف يمكن الحديث عن حقوق الإنسان، مع التغاضي عن إبادة جارية أمام الكاميرات؟

 

ولماذا يتم تصدير صورة إسرائيل كضحية، بينما هي الجلاد؟

 

هذه الأسئلة ليست صادرة عن اليسار، بل من دوائر يمينية طالما شكلت عمقاً استراتيجياً لدعم إسرائيل.

وهو ما يعيد إلى الأذهان إرهاصات التحول الذي بدأ مع حراك الجامعات ضد حرب فيتنام، حين انتقلت الأسئلة من الهامش إلى صميم الرأي العام.

 

الحراك الطلابي الأمريكي اعتصم تضامناً مع غزة، وجيل جديد بدأ يربط بين ما يجري هناك، وما عاشته أمريكا في تجاربها الإمبريالية الأخرى.

تلك الأسئلة لم تعد تهم الأخلاق فقط، بل تمس صورة أمريكا نفسها، وموقعها من التاريخ.

 

وقبل هذا التحول داخل اليمين، كان الحزب الديمقراطي قد شهد بوادر تغيير قادها جيل مثل إلهان عمر، وألكساندرا أوكاسيو كورتيز، وبيرني ساندرز، الذين وسّعوا حدود الخطاب السياسي، ورفضوا تسليع المعاناة الفلسطينية.

 

أما الصورة التي حاول نتنياهو ترسيخها، بأن إسرائيل تمثل داوود وأعداءها يمثلون جالوت، فقد انعكست تماما.

اليوم، يبدو أهل غزة، المحاصرون والمجوعون والمذبوحون، هم داوود الحقيقي، في حين تقف إسرائيل بكامل قوتها العسكرية والنووية في موقع جالوت الوحشي.

 

وهذه المفارقة تحديدا، هي ما بدأ يقض مضجع العقل الأمريكي المحافظ.

فمواصلة رفض الحلول السياسية، وتغذية الحروب العبثية في الشرق الأوسط، لم يعد يقرأ كـ"مصلحة"، بل كغباء سياسي لا يغتفر.

 

ما كان يعد سابقاً من المسلمات، صار اليوم مادة لنقاش جدي داخل اليمين الأمريكي نفسه.

وما كان يصدّر كـ"تحالف قيمي"، صار عبئاً أخلاقياً وسياسياً في نظر كثيرين.


محمد ولد إمام