الثلاثاء، 5 أغسطس 2025

هل بدأت أمريكا تراجع دعمها "الأعمى" لإسرائيل؟

أسئلة غير مسبوقة بدأت تظهر من قلب اليمين الأمريكي.. والإجابة قد تغيّر كل شيء.

 

منذ منتصف التسعينيات، سيطر خطاب اليمين الإسرائيلي على المشهد السياسي في تل أبيب، مدفوعاً بعناد نتنياهو وحكوماته المتعاقبة، وبتبنٍ صريح لمشروع تطهيري لا يكتفي بإقصاء الفلسطينيين، بل يسعى إلى محوهم من الوجود تماما.

 

وقد شكل الدعم الأمريكي، في عهد ترمب ثم بايدن، مظلة آمنة لهذا المشروع.

إدارة بايدن، رغم خطابها المختلف، حافظت على مبدأ "الدعم غير المشروط"، وأغمضت عينيها عن الجرائم اليومية، مُكرسة الغطرسة الإسرائيلية أمراً واقعا.

 

لكن اللافت أن التململ بدأ يتسلل من قلب اليمين الأمريكي ذاته.

شخصيات مؤثرة مثل كانديس أوينز وتاكر كارلسون وجو روغان وغيرهم، صاروا يطرحون أسئلة كانت من قبل من المحرمات:

 

لماذا تواصل أمريكا دعم كيان يمارس التطهير العرقي؟

 

كيف يمكن الحديث عن حقوق الإنسان، مع التغاضي عن إبادة جارية أمام الكاميرات؟

 

ولماذا يتم تصدير صورة إسرائيل كضحية، بينما هي الجلاد؟

 

هذه الأسئلة ليست صادرة عن اليسار، بل من دوائر يمينية طالما شكلت عمقاً استراتيجياً لدعم إسرائيل.

وهو ما يعيد إلى الأذهان إرهاصات التحول الذي بدأ مع حراك الجامعات ضد حرب فيتنام، حين انتقلت الأسئلة من الهامش إلى صميم الرأي العام.

 

الحراك الطلابي الأمريكي اعتصم تضامناً مع غزة، وجيل جديد بدأ يربط بين ما يجري هناك، وما عاشته أمريكا في تجاربها الإمبريالية الأخرى.

تلك الأسئلة لم تعد تهم الأخلاق فقط، بل تمس صورة أمريكا نفسها، وموقعها من التاريخ.

 

وقبل هذا التحول داخل اليمين، كان الحزب الديمقراطي قد شهد بوادر تغيير قادها جيل مثل إلهان عمر، وألكساندرا أوكاسيو كورتيز، وبيرني ساندرز، الذين وسّعوا حدود الخطاب السياسي، ورفضوا تسليع المعاناة الفلسطينية.

 

أما الصورة التي حاول نتنياهو ترسيخها، بأن إسرائيل تمثل داوود وأعداءها يمثلون جالوت، فقد انعكست تماما.

اليوم، يبدو أهل غزة، المحاصرون والمجوعون والمذبوحون، هم داوود الحقيقي، في حين تقف إسرائيل بكامل قوتها العسكرية والنووية في موقع جالوت الوحشي.

 

وهذه المفارقة تحديدا، هي ما بدأ يقض مضجع العقل الأمريكي المحافظ.

فمواصلة رفض الحلول السياسية، وتغذية الحروب العبثية في الشرق الأوسط، لم يعد يقرأ كـ"مصلحة"، بل كغباء سياسي لا يغتفر.

 

ما كان يعد سابقاً من المسلمات، صار اليوم مادة لنقاش جدي داخل اليمين الأمريكي نفسه.

وما كان يصدّر كـ"تحالف قيمي"، صار عبئاً أخلاقياً وسياسياً في نظر كثيرين.


محمد ولد إمام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Featured Post

أنخاب أصائلنا المفقودة..

  لم تكن العصاري (الدحميس) في طفولتنا وصبانا كهذه العصاري التي نراها اليوم… لا أعني غروب الشمس وحده، ولا احمرار السماء على كثبان الرمال،...