منذ سنوات قمت بنشر رحلتي مع الرسالة القشيرية في التصوف، وهو كتاب أنصح به جداً فقد أثر فيّ شخصياً تأثيراً كبيرا.
وقد حوى هذا الكتاب من اللطائف ما جعلني أطرق تفكّرًا وتأمّلًا.. في العديد من الاقتباسات والوقفات.. فهو كتاب لطيف وعميق.
أثراني النقاش حول الكتاب.. وأضاف للرسالة أبعادًا أخرى، وإسقاطات واقعيّة نحتاجها.
فهو فعلا يستحق المطالعة حيث يرى المؤلف أنه في عصره بدأ الشيوخ الذين يتبعون طريق التصوف مع العلم الشرعي بالاندراس وبدأ الجهل والاستخفاف بأوامر الشريعة وقلة المبالاة بالمحرمات يظهر على متبعي هذا الطرق يقول القشيري:
"ثم لم يرضوا بما تعاطوه من سوء هذه الأفعال، حتى أشاروا إلى أعلى الحقائق والأحوال، وادعوا أنهم تحرروا من رق الأغلال، وتحققوا بحقائق الوصال، وأنهم قائمون بالحق، تجري عليهم أحكامه، وليس لله عليهم فيما يؤثرونه أو يذرونه عتب أو لوم، وأنهم لو كوشفوا بأسرار الأحدية، واختطفوا عنهم بالكلية، وزالت عنهم أحكام البشرية، وبقوا بعد فنائهم عنهم بأنوار الصمدية، والقائل عنهم غيرهم إذا نطقوا، والنائي عنهم سواهم فيما تصرفوا بل صُرفوا"
وبسبب ذلك كله وخوفا من إنكار هذه الطريقة برمتها لأجل ما يقترفه هؤلاء المخالفون، وخوفا من ازدياد التمادي والاغترار والشطط وإشفاقه "على القلوب أن تحسب أن هذا الأمر على هذه الجملة بنى قواعده، وعلى هذا النحو سار سلفه"، انبرى صاحبنا القشيري إلى تأليف هذا الكتاب، يجمع فيه أقوال شيوخ هذه الطريقة الأوائل والثقات منهم وتعاريفهم ومصطلحاتهم وأحوالهم. فكانت هذه الرسالة القشيرية من أشهر أمهات الكتب في علم التصوف.
الكتاب مقسم إلى ثلاثة فصول:
الفصل الأول يتناول شيوخ الطريقة وأهم أعلامها، وهي بداية جيدة فإذا أردت علماً فعليك أن تنظر ممن تأخذه أولا، كما أن أسماءهم ستتردد على القارئ إلى آخر صفحة فمعرفتهم ضرورية.
الفصل الثاني في تبيان وتفسير أهم المصطلحات المتداولة بين شيوخ الطريقة، ليس بالصعب ولا بالغريب.
الفصل الثالث: هو عبارة عن أبواب تتناول لب التصوف (الرجاء، التوكل، الجوع، الصبر، المراقبة، اليقين .... إلى تتمته)
وحيث إن حقيقة التصوف بأنه (باطني) فما كان من الممكن التعرف عليه إلا بما تكرم به شيوخ الطريقة ونطقوا به.
وهنا أريد أن أنبه إلى شيئين:
١-قد لا يصدق البعض بعض ما يكتب في الكتاب عن بعض الأولياء وما يحدث لهم من قصص، لكن كيف ستنفيه بلا دليل وحجة؟ إذا علمت أن الله يتولى أولياءه! أنا لا أتوقع من نفسي التصديق الأعمى كما أنني لا أحب النفي الأعمى.
٢- جملة وردت في الكتاب أراها جميلة جداً (كان ثمة تصوف ولا اسم، واليوم اسم ولا تصوف).
No comments:
Post a Comment