(وأنْكَ بالأمسِ كنتَ محتلما** شيخَ مَعدٍّ وأنتَ أمردُها.
وما الحداثةُ من حلمٍ بمانعةٍ** قد يوجد الحلم في الشبّانِ والشيبِ)،
العارفَ بالله محمد فال الملقب ولد آبَّــنّـي بن محمدن بن باباه رحمهم الله، الذي أسس محظرة سمّاها (محظرة الضاد اللَّقاح) على غرار اسم قريش اللقاح مقابل قريش البطاح،
فهذه المحظرة كانت لَقاحا حرةً حقاً، وليست لأحد يدٌ عليها ولا مِنّة، بل كانت خالصة لوجهه تعالى ولخدمة العلوم الشرعية واللغوية، فكانت مفتوحة للجميع،
فازدحم الناس على بابها، والمنهل العذبُ كثيرُ الزحامْ.
ونهل منها وعلّ طلاب كثُر من البلد ومن الجزائر وليبيا والمغرب وغيرها من البلاد الإسلامية،
وكان رحمه الله يعلمنا بالمثال والقدوة في سلوكه قبل كلامه، فكان مثالا في الأخلاق والزهد في الدنيا،
فلو جاد بالدنيا وثَـنَّى بمثلها** لَظنَّ من استصغارِها أنَّه ضنَّا
ولا عيبَ في معروفه غيرَ أنَّه ** إذا منَّ لم يُتبعْ مواهبَه مَنَّا ..
فربما بات على الحصير قائما متهجدا
في ليلةٍ من جمادى ذاتِ أنديةٍ.. وليلةِ نحسٍ يصطلي القوسَ ربُّها..
وربما ظل في الخلوات متعبدا صائما في يوم من الشِّعرى يذوبُ لُعابُه، أفاعيه في رمضائه تتململُ..
ويشهد له بذلك كل من عرفوه رحمه الله، وكان إلى ذلك أريحيا كريما سبَّاقاً للمعروف، يُنيل المستماح بأن يُنالا.. كما كان شاعراً مُجيدا مَجيدا طروبا للشعر الجميل والفعل الجميل، وهذا من فواضله قليل.
خذْ مِن ثنايَ عليكَ ما أسطيعُه** لا تُلْزِمّـنّي في الثناءِ الواجبا.
وقد تطفلت مرات على الشعر في تحيته وتحية تلك المحضرة البديعة، وربما أنشر بعض تلك المساجلات بينه وبيننا طلابَ المحظرة إن شاء الله.
ومن ذلك الأبيات في الصورة.
رحمه الله وجعل الجنة مثواه وجزاه عنا خير الجزاء.
No comments:
Post a Comment